ادارة المناطق الساحلية | بيئتنا

مشروع الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في دولة الكويت

فاطمة القحطاني – حنان يتيم

من أولويات العمل في الهيئة العامة للبيئة، المحافظة على الخصائص الطبيعية للبيئة الساحلية بما تحويه من نظم إيكولوجية وجيومورفولوجية، وضمان تحقيق نوع من الاتزان ما بين الاستخدامات البشرية التنموية من جهة، ومتطلبات الإدارة السليمة المراعية للظروف البيئية في سواحل الدولة من جهة أخرى، ومن هنا كان اهتمام الهيئة بإقامة مشروع مشترك مع معهد الكويت للأبحاث العلمية يحمل عنوان «الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في دولة الكويت»، والذي يهدف إلى تشكيل قاعدة بيانات لتصنيف الساحل الكويتي وتحديد أفضل الحلول لتفادي أي أضرار مستقبلية.

وينقسم مشروع «الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في دولة الكويت» إلى عدة مراحل، حيث تم الانتهاء مـــــن المرحلــة الأولى منـــــه وهـــــــي (تنظيم القطاعات البيئية للسواحل)، والتي تم من خلالها دراسة وتحديد وحفظ أربعة عوامل أساسية تمثل الوضع البيئي الحالي والسائد بالمياه الإقليمية الكويتية وهي: الفسيوجرافية الطبيعة الجيومورفولوجية – خواص الرسوبيات( ونوعية المياه )مصادر ومستويات الملوثات( والكائنات البحرية والسمكية )مصادر الغذاء – أماكن التبييض والحضانة( والهيدروجــرافية )التغيرات في منسوب سطح المياه – تيارات المد والجزر- الأمواج(. وقد شارك قسم السواحل التابع لإدارة رصد السواحل والتصحر في المرحلة الأولى من هذا المشروع، حيث قام بمهمة تجهيز البيانات المتوفرة عن الساحل الكويتي وتحليلها وتم استكمال التقرير النهائي في مايو 2000.

جودة المياه

أما بالنسبة لجودة المياه، فملخص ما ورد في التقرير من النتائج هو التالي:

بالنسبة للعوامل الفيزيائية فقد تراوحت درجات الحرارة للمياه ما بين 11.8 و33.5 درجة سيليزية، بينما بلغت درجة الملوحة بين 34.8 و 42.7% ، أما الأس الهيدروجيني فقد تراوح بين 7.1 و8.8، في حين أن تراكيز الأكسجين المذاب كانت ما بين 4.2 و12.0 ملجم/لتر، وقد لوحظ أن نسبة شفافية المياه تزيد بالاتجاه جنوبا.

وأوضح تقرير الدراسة أن أكبر ارتفاع لمؤشرات البكتيريا سجل في سواحل مدينة الكويت، كما بين ارتفاع تراكيز الهيدروكربونات في سواحل ميناء عبدالله وكذلك ارتفاع نسبي في ساحل الشويخ. وأشارت النتائج التي أوردتها الدراسة إلى ارتفاع تراكيز النحاس والنيكل في المياه الإقليمية الكويتية، كما أشار إلى أن أعلى تراكيز النيتروجين في صورة النتريت والنترات والأمونيا سجلت في السواحل مدينة الكويت وميناء عبدالله إلى الجليعة.

وقد ناقش التقرير تلك النتائج وأشار إلى تأثير عدة عوامل على جودة المياه منها خواص مصادر الملوثات )شكل 3( وتأثير العوامل الهيدروجرافية لمياه البحر. ومن هنا كان ارتفاع المؤشرات البكتيرية في سواحل مدينة الكويت قد يرجع إلى أسباب عدة من أهمها الكثافة السكانية في المنطقة، بالإضافة إلى بعض القصور في عمل محطات معالجة مياه الصرف الصحي وضعف التيارات في جون الكويت. بينما الارتفاع المسجل للمعادن النزرة في بعض السواحل يمكن تفسيره بانتشار المرافئ على اختلاف أنواعها وانتشار الأنشطة الصناعية ومخارج المياه ومحطات التقطير. أما ارتفاع الهيدروكربونات فهو بتأثير أنشطة تصدير النفط في ميناء عبدالله وأنشطة الشحن في ميناء الشويخ.

أيكولوجية المياه والأسماك

أما فيما يخص أيكولوجية المياه والأسماك، فقد أشار تقرير الدراسة إلى النتائج التالية:

تبين أن السواحل من شمال الجون إلى مدينة الكويت تشكل مناطق وضع البيض لأنواع من الروبيان والأسماك بينما يشكل الجون بما فيه جون الصليبيخات مناطق تواجد اليرقات البلانكتونية للأسماك الروبيان، وكذلك نجد أن كلا من خور الصبية وشمال الجون يشكلان مناطق حضانة للروبيان )شكل 6( وخور الصبية على نحو الخصوص يشكل مناطق حضانة للأسماك )الشكلان 4، 5( في حين تقل أهمية المناطق الساحلية الأخرى من شاطئ السالمية اتجاها نحو الجنوب من حيث اعتبارها مناطق حضانة وتكاثر لتلك الأنواع.

وقد استعرض التقرير أهم الخواص الهيدروجرافية للمياه الإقليمية الكويتية وهي كالتالي:

إن تغير منسوب المياه يحدث بشكل نصف يومي بحيث يبلغ المدى الأقصى للمد والجزر 4.2 أمتار على السواحل الشمالية و3 أمتار على السواحل الجنوبية، مع زيادة بمعدل 0.0125 م/كم من الجنوب نحو الشمال. ساحل خور الصبية يشكل قناة ضيقة طويلة تمتاز بنشاط أكبر لتيارات المد والجزر، بينما يقل نشاط تلك التيارات بالإتجاه جنوبا حتى ساحل الشويخ مع كونها المصدر الرئيسي للطاقة حيث يكون تأثير الأمواج غير ملاحظ. ابتداءا من ساحل الشويخ نحو الجنوب تمتاز المنطقة الساحلية بكونها ذات طاقة أمواج عالية حيث تشكل الأمواج المصدر الرئيسي للطاقة في حين يكون تأثير تيارات المد والجزر غير ملاحظ. ويقل ارتفاع الموجة بالاتجاه من الجنوب نحو الشمال بينما يبلغ أعلى ارتفاع للأمواج المسجلة 1.9 متر يقابله الزمن الذي تستغرقه الموجة وهو 6.4 ثانية.

أهم ماجاء في الدراسة من توصيات

جيومورفولوجية الساحل

تم خلال الدراسة تحليل وتوثيق الطبيعة الجيومورفولوجية للمنطقة الساحلية وخصائص الرسوبيات سواء في السواحل الشمالية الطينية أو الجنوبية الرملية، وبناء على المعلومات السابقة تم التوصل إلى التوصيات التالية فيما يخص جيومورفولوجية الساحل:

* الحاجة إلى وضع برنامج طويل المدى لقياس الانحدار الشاطئ ومراقبة التغيرات الموسمية والسنوية لحساب كمية الرسوبيات في المياه الإقليمية الكويتية. كما ينبغي تحليل الرسوبيات على طول المنحدر الشاطئ للتعرف أيضا على التغيرات الموسمية والسنوية.

* الحاجة إلى إعداد نماذج حسابية شاملة لنقل الرسوبيات مدعمة بالتغيرات الجوية الموسمية وقياسات الانحدار الشاطئي وتحاليل الرسوبيات بهدف التنبؤ بحساب كمية الرسوبيات في المياه الإقليمية للدولة.

جودة المياه

قامت الدراسة كذلك بتحليل وتوثيق جودة المياه في المياه الإقليمية، وذلك من خلال استعراض بيانات الخصائص الفيزيائية للمياه، ونتائج تحاليل البكتيريا، وتراكيز الهيدروكربونات والمعادن النزرة، ومستوى المغذيات. ومن أهم التوصيات التي تم التوصل إليها ما يلي:

* ضرورة إجراء مسح شامل لجميع مصادر التلوث على طول المياه الإقليمية الكويتية، وتحديد موقع المصدر ونوعيته وكمية التلوث الناتجة عنه ومعدلاتها.

* ضرورة إجراء بعض التغييرات في برنامج الهيئة العامة للبيئة لرصد جودة المياه في المياه الإقليمية، بحيث يتم إعادة توزيع مواقع الرصد لتغطي كافة سواحل الدولة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وتعيينها وتثبيتها بحسب الإحداثيات الخاصة بها.

* الحاجة إلى إعداد برنامج حسابي شامل لتعيين جودة المياه مدعم بمصادر الملوثات وقياسات الرصد الساحلي لجودة المياه وذلك بهدف التنبؤ بجودة المياه في المياه الإقليمية لدولة الكويت.

الخصائص الإيكولوجية

كما استعرضت الدراسة ووثقت الخصائص الأيكولوجية والأسماك )مصادر التغذية ومواقع التكاثر والحضانة( في المياه الإقليمية للدولة. حيث تم اعتبار جون الكويت منطقة حضانة وتكاثر هامة للروبيان والأسماك، بينما تقل المناطق الساحلية الجنوبية عنها أهمية حيث تشكل مناطق حضانة وتكاثر لأنواع أخرى. وبناء على المعلومات المتوفرة، تم وضع التوصيات التالية:

* البحث بصورة أفضل في مجال العلاقة التبادلية بين المكونات الحيوية للمياه والمكونات غير الحية في المياه الإقليمية للدولة.

* دراسة تأثير جودة المياه على الإنتاجية البحرية للمناطق الساحلية، حيث تتأثر الأيكولوجية البحرية والأسماك التي اعتادت على المياه قليلة التلوث مما يتطلب أن تزيد من تحملها للمستويات الأعلى من الملوثات. ومن هنا تكمن أهمية متابعة العلاقة بين جودة المياه من جهة والتنوع البيولوجي من جهة أخرى.

الخواص الهيدروجرافية

بينت الدراسة الخواص الهيدروجرافية للمياه الإقليمية للدولة )مثل تغير منسوب مياه البحر، تيارات المد والجزر، والأمواج( ووثقتها، وتم التوصل إلى التوصيات التالية فيما يخص هذا الموضوع:

* الحاجة إلى وضع برنامج طويل المدى لقياس التيارات مع مراقبة التغيرات خلال الساعة والتغيرات اليومية، ومن ثم إعداد نموذج حسابي شامل مدعم ببيانات تغيرات المياه في منطقة المد والجزر وكذلك البيانات الحقلية لتيارات منطقة المد والجزر وذلك بهدف توفير تنبؤ دقيق للتيارات البحرية داخل المياه الإقليمية للدولة.

* ضرورة وضع برنامج طويل المدى لقياس الأمواج على طول الساحل الكويتي، مع وضع مواقع ثابتة لمراقبة وتعيين الأمواج والتعرف على خواصها في مياه الدولة. ومن ثم إعداد برنامج حسابي شامل للتنبؤ بالأمواج السطحية الناشئة عن الرياح، بحيث يدعم البرنامج بالقياسات الحقلية للأمواج والرياح.

وأخيرا، فقد كان من أهم التوصيات التي وردت في التقرير النهائي للمرحلة الأولى من مشروع الدراسة، تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع دون تأخير وهو الخاص بـ«إعداد الإطار التنظيمي لبرنامج الإدارة المتكاملة للسواحل».

ونظرا لما قامت به إدارة رصد السواحل والتصحر التابعة للهيئة العامة للبيئة في المرحلة الأولى من مشاركة فعالة في جمع البيانات الممثلة للوضع البيئي للسواحل الكويتية فإن قسم السواحل التابع للإدارة بصـدد استكمال المرحلة الثانية من المشروع (إعداد الإطار التنظيمي لبرنامج الإدارة المتكاملة للسواحل) بالتعاون مع المعهـــــد، حيث تهدف الدراسة إلى تحديث البيانات الساحلية التـــــي تم تجميعها في المرحلة الأولى من المشروع وتحليلها بالاستـــــعانة بأنظمة الرصـــــد والمراقبة المطبقة في الهيئة العامة للبيئـــــــة (كالصور الجوية ومعلومات الاستشعار عن بعد)، بالإضــــافة إلى تطبيق نظم المعلومات الجغرافية في عملية تحليل جيومورفولوجية الساحل واستخدام الأراضي، كما يهدف المشروع إلى وضع برنامج متكامل للرصد والمتابعة وتجميع البيانات الساحلية، وسيناقش كذلك وضع النظم واللوائح المنظمة لدراسات المردود البيئي، وباستكمال المراحل السابقة يمكن تحديد المبادئ الرئيسية لبرنامج الإدارة المتكاملة للسواحل.

أهم النتائج التي وردت في تقرير الدراسة

تم تقسيم المنطقة الساحلية في دولة الكويت إلى 9 مناطق: المنطقة الأولى “خور الصبية”، المنطقة الثانية “شمال جون الكويت”، المنطقة الثالثة (المملحة إلى رأس عشيرج)، المنطقة الرابعة “جون الصليبيخات”، المنطقة الخامسة “مدينة الكويت”، المنطقة السادسة “البدع إلى ميناء عبدالله”، المنطقة السابعة “ميناء عبدالله إلى الجليعة”، المنطقة الثامنة “دوحة الزور”، المنطقة التاسعة “الخيران إلى النويصيب”.

وتم التوصل إلى النتائج التالية فيما يخص الجيومورفولوجيا وخواص الرسوبيات.

تبين أن المناطق الساحلية في خور الصبية وشمال جون الكويت وجون الصليبيخات عبارة عن بيئة ترسيبية مكونة من مسطحات طينية يحدها من جهة اليابسة أراضي سباخ واسعة، بينما تظهر تجمعات المحار على الأسطح في المناطق العليا والوسطى من المناطق الساحلية في خور الصبية وشمال الجون. في حين أن المنطقة الساحلية من المملحة إلى رأس عشيرج عبارة عن شاطئ صخري قليل الانحدار مغطى جزئيا بالرمال وأجزاء الصخور والطحالب والكائنات الحية يحدها من جهة اليابسة أراضي سباخ واسعة، وهي عبارة عن منطقة معرضة للنحت. أما السواحل الجنوبية فهي عبارة عن شواطئ رملية صخرية ضيقة وشديدة الانحدار. بينما تتسع منطقة المد والجزر أكثر في الخيران والنويصيب.

المصدر : مجلة بيئتنا – الهيئة العامة للبيئة – العدد 137